Tuesday, June 4, 2024

 

تقول صديقتي:

كم كنت أتمنى أن أكون مثل رجال المال والأعمال أمتلك قصوراُ تلامس السحاب وتراقص النجوم وأقضي إجازاتي في المالديف وجذر الكناري وهونولولو.. كم تمنيت أن أملك يختاً يطوف موانئ المدن الجميلة ويحلّق بي في جذر الأحلام.. كم تمنيت أن أكون مديرة لشركة عابرة للقارات يستقبلني مطار ويودّعني مطار آخر..

تقول كم تمنيت أن أكون مثل بيل جيتس أملك عشرات المليارات ولا أترك لعائلتي سوى عشرين مليون وأتبرع بكل أموالي للأعمال الخيرية والبحوث العلمية.. أو .. مثل وارن بوفيت أتنازل عن 80% من ملياراتي لصالح مؤسسة بيل جيتس الخيرية.. أو مثل )جاك ما( أوظّف مقدراتي من أجل الإنسان والمعرفة والتنوير.. من أجل الحرية والعدالة والارتقاء..

 

ويقول صديقي:

"كم تمنيت أن أكون وحيداً كتمثالٍ هيليني يغطيه الرخام، وتتوالى عليه الزوابع والفصول، وألا تصبح عزلتي مخيفةً إلى هذا الحد.. كم تمنيت أن أكون كرمة في تلال بعيدة، نحلة في حقول تشع منها الحياة، أوزةً بيضاء تشق بصدرها مياه بحيرة في شهر أبريل.. كم تمنيت أن أكون مثل عاصفةً أطلسية، لوحةً لسلفادور دالي، قصةً لفرانز كافكا، شيئاً ما مجرداً لا تحتمله كثافة هذه العوالم الموغلة في التجسيد..

يقول كم تمنيت أن أكون بساطاً سحرياً يطوف بالعالم، سلماً كونياً يحملني هناك فوق قباب السماء، وكم تمنيت أن أسمو عالياً عالياً مثل ملاك سابحٍ في بحار الملكوت، وروحاً بريئةً تحط على قلوب الناس فتضيئها.."

وأنا كم أتمنى أن أكون راعيا لأغنام أعيش بين الجبال والسهول وعلى ضفاف البحيرات والأنهار بعيدا عن هذه الحياة وغموضها وتعقيداتها.. بعيدا عن السياسة وأكاذيبها.. بعيدا عن الكون والناس والحياة..

كم كنت أتمنى أن أكون راعيا كل عالمي هو العشب والمياه وأغنامي.. أشرب لبني وأناجي البحر والسماء والنجوم.. وأعزف قيثارتي مشاعر بريئة لا تعرف الحقد والظلم والكراهية.. وأعيش بعيدا عن الرأسمالية والفاشية.. بعيدا عن التضخم والعجز والاقتصاد الحر.. بعيدا عن الإقصاء والإرهاب والتكتل والتدويل..

 

كم أتمنى أن أكون مثل صديقتي من رجال المال والأعمال.. وأن أكون مثل صديقي تمثالاً ونحلة وكرمة وعاصفة أطلسية.. وأن أكون راعياً بين السهول والجبال.. وأن أكون أنا كما أنا...

(ألا ليت شعري ماذا يريد الإنسان؟)

No comments: