لغة الربيع لغة تشبه مرورها وهي تتوشح قصيدة مطرَّزة بقمر وابتسامة وغمازتين .. مشهد زهرة برية وغزالة لا يتنازعهما مارثون الصراع
.. لغة تمنح قواعدها استراحة من أوجاع الحركة والسكون .. مثلما تستريح ليلى من أسـف قديم بدمعة مؤجلة
.. لغة بمزاج طاولة وعاشقين وكأس حليب
.. لغة الربيع مزاج يتجاوز الحزن والوجع والمبررات البائسة
..
.. الربيع فلسفة العشق ..والعشق هو فلسفة الوجود
.. الفل والياسمين والغاردينا والكرز وزهر الليمون هم صبايا الربيع
.. والحق والخير والجمال .. والحرية والعدل والمساواة .. هم صبايا الفلاسفة
الربيع هو زهور سقراط وأرسطو وديكارت وسبينوزا وروسو وهيجل .. والعقل من أجل ربيع الحياة ..وهو العودة الأبدية لأصول المعاني ورسائل السماء
.. الربيع عبير الفن .. وشذى شكسبير وصراعه مع الذين ينالون الخزي بانتصاراتهم الشريرة
.. الربيع فلسفة الانسان .. والانسانية هي ربيع الأرض العاشقة
..
هي عاشقة الربيع ..هناك كانت تنتظرنا بفستانها الملائكي كسحابة بيضاء هبطت من سماءٍ كريمة ..جاءت في زمان القحط فاستحالت اللحظة الجافة إلى بركة .. والآهة لموَّال ..جاءت على غير وعـد كزغرودة في حي فقير .. كبسمة في وجه استهلكته الأحزان .. أو رعشة حب تأخرت به المقادير ..أفقدتنا رياحُ الصيف الذاكرة فلم نعد نتذكر سحر القصيدة .. ولون الظلال في عينيها .. ودرجة الحرارة في سواحلها .. الآن .. وبعودة الربيع واستقامة الشوارد .. نعود نبحث عن العاشقين .. وذاكرة والبحر والرياحين .. وعن كيف يتساوق عبق العشق وملمس الطين
..
.. هي عاشقة للربيع ..ومن يعشق الربيع .. يصنع الربيع
.. فهي تعيش بأخلاق الربيع .. وترسم لوحاتها بريشة الربيع .. وتكتب رسائلها برحيق الورود
ليست أميرة مسافرة في سفينة فينيغية .. معطَّرة الأشرعة .. ولا تبحث عن سواحل سريالية .. ومدن بابلية وحدائق معلَّـقة .. وجمهورية أفلاطونية .. وسور عظيم ..بل مهيرة سودانية .. تحلم بحمائم تحلَّق في الغرب .. بأشجار الشاي تتعالي في الجنوب .. باصطياف في أركويت والرقبة وحلوت .. بالقاش وستيت .. بالشواطئ الرملية والصخرية .. بتاجوج ..مهيرة سودانية
دلالها وجدان أسمر .. وفستانها بلون النيل .. مناديلها برائحة الحناء والبرم والعليق .. وهِمَّـتها شاهقة بطول التاكا والاماتونج وجبل مرة
.. تحب أزهار النرجس .. ولا تعرف النرجسية وحب الذات
النرجس زهرة رقيقة .. والنرجسية غربة عقيمة (اسطورة النرجس اسطورة إغريقية خلدها أوفيد في الأساطير اليونانية ..هام الرجل عشقاً بحب نفسه .. رأى صورته على صفحة الماء .. رفض مغادرة الضفة .. فخافت عليه آلهة الأولمب .. فحوَّلته إلى زهرة تعيش بجوار النهر )
.. لذا فهى نرجسية الهوى .. وليست نرجسية المأوى
.. تحب الشعر .. ولا تحب الشعراء الغاوون
.. سفيرة للنوايا الحسنة ..وشاحها ليس أحمراً بلون المريخ .. ولا أزرقاً بلون الهلال .. بل أخضراً بلون بلادي
..
.
.. التحية لها .. قرنفلة الربيع
.. العباسية .. رجاء العباسي
..
.

No comments:
Post a Comment