Monday, January 7, 2008

الحقيقة والألم

إن الحقيقة تؤلم
تعترك عناصرها وتنداح دوائرها وتتداخل وتتفاعل وتفتح ألف باب للهلاك .. ذلك لأننا ما كنا يوماً لنرتوى من ضرعٍ جاف أو نقتل ناقة النبي صالح .. وما كنا لنقتطف التفاحات الذهبية أو نستولي على الجزيرة المسحورة .. لأننا لا نعيش في زمن الأساطير الإغريقية ..ولأننا لا نولد مرتين ...... و... عشان أمونة ما بتحوق
لذا تتمازج مع مجاهيلها المعطيات فيغدو صعباً ليس بالصعب وسهلاً وليس بالسهل فيستهلكنا الممكن ويرمينا في سلال المستحيل .. ذلك لأننا نتأخر في قراءة السطر الأول في قصة السنونو الطائر ثم نبكِّر في كتابة السطر الأخير من كتاب القمر ..
يحدث أن نصطف يوماً في طابور الليل .. قدَرَاً في انتظار النهار .. ذلك الذي يمكن أن يأتي وربما لا يأتي .. وفي انتظارنا قد ينمو للعشب ألف أصبع .. وقد ينتحر مشنوقاً في أعشاشه الكنار .. ربما نقرأ كتاباً مقدساً يحدثنا عن قيمة الغموض واحتمالية جهل دولايب الوجود .. وربما نقراً نصاً عبثياً يحكي سريالية التفاصيل وتناقض الروابط الكائنة بين العلاقات .. وبين هذا وذاك تكتب الدواة ألف رواية نكون أبطالها أحياناً ونكون ضحاياها في كثير من الأحايين ..قد يحدث ذلك قسراً
وقد يحدث اختياراً ..يحدث أن تبكي .. ويحدث أن يرشك الآخرون بالدموع .. يحدث وما أكثر الحوادث ..وفي جدلية المصادر المحدودة والخيارات غير المحدودة .. وجدلية الذات القابضة واللهفة المنبسطة .. والانكماش والتداعي الحر .. نمضي كالفراشات إلي لهيب النار وننسى لذاذات التروايح ونيران التباريح .. ننسى أننا نوهب الحياة عندما نتقدم بجسارة للموت .. نستمري لعبة القط والفأر .. ونبحث عن عشقنا في الغياهب وهو كالحقيقة الشمس التي لا نراها من شدة النور
يحدث أن نكون أسماكاً ملونة في بحيرة الحياة نتفادى فك القروش المفترسة .. أو فراشات تلهو بين زهر وزهر .. ورحيق ورحيق .. أو عصافير زاهية اختصها الله بتجميل الوجود .. ويحدث بجهل أو بعقل أن نكون سبباً في دمعة تسقط .. وزهرة تذبل .. أو فرعٍ يجف .. ذلك أننا خلقنا من طينة النواقص وتراب الرفض وأدب المعصـية .
عندما نفشل في توجيه القوارب في اتجاه ملائم للريح نتوه .. ونشتكي لمَ كل الطرق تؤدي إلى روما ولا نعرف لروما طريق .. ندَّعي علماً بجهل كالقرد الأعمش وهو يقول "ما أغبى الإنسان يظن قطعة من زجاج وأخرى من حديد أن يردن بصره" ! ونصبح كوطواط د. محمد عبد الله الريح لا ينوم إلا ورأسه إلى أسفل وعند الصبح يحتج ما لهذه الدنيا مقلوبة ! .. هكذا نشتكي للحبيبة في خدورها ونستهلك جمالها البكر .. هكذا نجهل أسرار المداخل وننسى أن أكبر الأبواب لها أصغر المفاتيح ..

No comments: