Sunday, January 6, 2008

رحلة لا تنتهي

منذ فجر التاريخ كان الإنسان باحثاً ومتطلعاً ومحباً لفتاة الحقيقة .. فتسلق الجبال بحثاً عن السماء ظناً منه في طفولته الفكرية أنها وعاء المجهول ودار اليقين .. فجعل من المرتفعات في التبت والهملايا أماكناً ما تزال مزارت مقدسة وجعل التأمل فلسفة وسعى إلى النيرفانا والكمال والهجرة بالروح إلى الروح . وفي وادي النيل اتخذ من طيبة وعين شمس أركاناً للاعتقاد فشيد الأهرام .. وبحث عن الخلود الذي تفتقده النفس في عالم الوجود وتسعى إليه في عالم المثال . وفي الهضبة الايرانية صادق الإنسان الشمس والتف حول النار اعتقاداً أن في جوفها تكمن الحقيقة . وفي سفوح الاليمبس والضفاف الإيجية وشواطئ آسيا الصغرى سطرت مسيرة العقل الإنساني أروع الملاحم على صفحات الإلياذة والأوذيسية الهوميروسية فكانت افروديث وفينوس والأساطير الخرافية والتي وإن جانبت العقل فقد أثرت الأدب وألهبت الخيال .. مضت المسيرة حتى اهتدت بعد مشوار طال عهده إلى فلسفة الحق والخير والجمال فكان سقراط وحكمته وأرسطو ومنطقه وأفلاطون وجمهوريته .. ذلك تاريخ طويل بناه الإنسان بالجرح والدموع والمآسي فكان لاوتسي .. كونفوتسي .. بوذا .. راما .. كريشنا .. وزردشت . ومضت الرحلة حتى وصل إلى عهود الانبياء والرسالات السماوية فقال ابراهيم لربه رب أرني كيف تحي الموتى .. وسأل موسى ربه أن يريه وجهه .. وقال عيسى في البدء كانت الكلمة وقال جبريل للمصطفى اقرأ .. (عليهم جميعاً السلام) .. الكل كان يفكر ويسأل عن الحقيقة واليقين ..
هكذا كان الانسان يترنح من دهرٍ سحيق ليصل "الميس" .. وحتى لا نمضى مع فلاسفة "الأكاديمية" و"الشكية" ونستسلم للخدر اللذيذ ونقنع بأن البحث عبث .. تجدني على يقين بأن كل شي إلى الإطلاق يمضى وأن الإنسان يتكشّف له من الحجب بقدر التزامه بما يعلم .. لذلك يعيش الانسان في كبد ومعاناة . لذا نجد في هذا الطريق أن هناك من زهد واعتزل ولبس الصوف وتساوى عنده الدر والحصى .. وهناك من حارب الحياة وأعلن موت الإله .. وهناك من آمن وحلَّق بروحه في جنان خضر .. فالكل إلى الله يسعى طوعاً وكرها ..
فالحمد لله .. وصلى الله على رسولنا الكريم ..

No comments: